العقل والقلب: كيف عاد برشلونة من جحيم ليفانتي؟
برشلونة يحقق ريمونتادا تاريخية ويثبت شخصية البطل تحت قيادة فليك
مقدمة
شهدت الجولة الثانية من الدوري الإسباني واحدة من أكثر المباريات إثارة، حيث نجح نادي برشلونة في قلب الطاولة على مضيفه ليفانتي وتحقيق فوز قاتل بنتيجة 3-2. لم يكن هذا الانتصار مجرد حصد لثلاث نقاط، بل كان تأكيداً على أن الفريق الكتالوني يمتلك روحًا قتالية وشخصية قوية، تمكنه من العودة من قلب الهاوية حتى في أحلك الظروف.
الخطة والتشكيلة: حسابات فليك الأولية
دخل المدرب الألماني هانزي فليك المباراة بتشكيلة أساسية أثارت بعض التساؤلات، حيث فضل الاعتماد على لاعبين جدد في بعض المراكز.
تشكيلة برشلونة (4-3-3):
- حراسة المرمى: جوان غارسيا
- خط الدفاع: إيريك غارسيا، رونالد أراوخو، باو كوبارسي، أليخاندرو بالدي
- خط الوسط: مارك كاسادو، بيدري، رافينيا
- خط الهجوم: ماركوس راشفورد، فيران توريس، لامين يامال
اعتمد فليك على رسم قريب من 4-2-3-1 في بعض الأحيان، حيث كان رافينيا يشغل مركز اللاعب رقم 10، بينما كان راشفورد على الطرف الأيسر. هذه الخطة افتقرت إلى التوازن، وظهرت فيها أخطاء تكتيكية عديدة، كما أن وجود راشفورد على الطرف جعله بعيدًا عن الهجوم، مما أدى إلى زحمة لاعبين على الجهة اليسرى بالقرب من بالدي.
الشوط الأول: أخطاء كارثية وتفوق ليفانتي
كان الشوط الأول بمثابة كابوس حقيقي لـ برشلونة. بدأ الفريق بشكل ضعيف وغير مترابط، ولم يكن هناك أي ضغط هجومي منظم أو تحولات دفاعية سريعة. هذا الفشل في التغطية والرقابة، إلى جانب التمركز الخاطئ للمدافعين، جعل الطريق إلى مرمى خوان غارسيا سهلاً أمام هجمات ليفانتي المرتدة.
سجل ليفانتي هدفه الأول في الدقيقة 15 عن طريق إيفان روميرو، الذي استغل خطأ في التغطية الدفاعية. ومع اقتراب نهاية الشوط، احتسب الحكم ركلة جزاء مثيرة للجدل ضد بالدي، نفذها بنجاح خوسيه لويس موراليس في الوقت بدل الضائع، ليتقدم ليفانتي 2-0. كان الفريق الكتالوني يمتلك الاستحواذ، لكنه كان "جعجعة بلا طحين"، حيث لم يتمكن من تحويل سيطرته إلى فرص حقيقية، وأضاع رافينيا فرصة خطيرة برأسية مرت بجوار القائم.
الشوط الثاني: تبديلات ذهبية وريمونتادا تاريخية
تدارك هانزي فليك الأمور في الشوط الثاني بتغييرين تكتيكيين حاسمين. دخل جافي بدلاً من كاسادو وداني أولمو بدلاً من راشفورد. كان دخول جافي بمثابة نقطة التحول الرئيسية، حيث قدم أداءً أسطوريًا يجمع بين القوة والشغف. كان جافي بمثابة القلب النابض للفريق، يركض ويضغط ويسترجع الكرات، ويفوز بمعظم الصراعات الثنائية. هذا الضغط المستمر من جافي سمح لـ برشلونه بالدفاع من نصف ملعب ليفانتي، وأعطى بيدري الحرية الكاملة للتحرك كلاعب وسط صريح.
وبمجرد أن أصبح بيدري حرًا، تغير أداء الفريق بالكامل. في الدقيقة 49، أطلق بيدري تسديدة صاروخية من خارج منطقة الجزاء سكنت الشباك، ليقلص الفارق. لم تمر سوى ثلاث دقائق حتى عادل فيران توريس النتيجة من تسديدة متقنة بعد عمل رائع من رافينيا.
بعد هدف التعادل، سيطر برشلونة بشكل كامل على المباراة، بحثًا عن هدف الفوز الذي جاء في اللحظات الأخيرة. وفي الدقيقة 90+2، أرسل لامين يامال عرضية قاتلة من الجهة اليمنى، حاول مدافع ليفانتي أوناي إلجيزابال إبعادها، لكنه سجلها بالخطأ في مرماه، ليطلق رصاصة الرحمة في الثواني الحاسمة، ويحقق برشلونة أول ريمونتادا في الموسم.
ملخص شامل وختام: العقل والقلب معًا
هذه المباراة لم تكن مجرد فوز في بداية الموسم، بل كانت رسالة قوية من برشلونة الجديد تحت قيادة فليك. الفريق يمتلك الآن شخصية قوية وعقلية لا تعرف الاستسلام.
بيدري لعب بعقله، بينما جافي ركض وغضب بقلبه. لقد أثبت اللاعبان أنهما يكملان بعضهما البعض بشكل مثالي، فبينما كان بيدري يسيطر على الإيقاع ويسجل هدفًا حاسمًا، كان جافي كلمة السر في قلب المباراة رأسًا على عقب، بضغطه الهائل وتحطيمه لمرتدات الخصم.
ورغم الأخطاء الدفاعية الواضحة في الشوط الأول، والتي تحدث عنها فليك في المؤتمر الصحفي مؤكداً على ضرورة تحليلها والتحسين منها، إلا أن هذه الريمونتادا منحت الفريق ثقة كبيرة للمضي قدمًا. لقد أظهر برشلونة أنه قادر على الفوز حتى عندما لا يكون في أفضل حالاته، وهو ما يميز الفرق الكبيرة التي تنافس على الألقاب.
تعليقات
إرسال تعليق